إطلاق أول تجربة للمجموعات الصحية الترابية.. حكومة أخنوش تعزز الحكامة وتسهل الولوج للعلاج

هبة بريس – الرباط

لم يعد خيار إصلاح القطاع الصحي في المغرب مجرد إكسسوارات، بل أضحى ضرورة وطنية ملحّة تستدعي مقاربات جديدة، تضع المواطن في صلب الاهتمام، وتوفر له الحق في الولوج إلى خدمات صحية لائقة، دون تفاوتات مجالية أو عراقيل بيروقراطية.

حكومة أخنوش الحالية منذ تنصيبها رفعت هذا التحدي ووضعت تصورا شموليا لإصلاح المنظومة الصحية الوطنية، يرتكز على 4 محاور أساسية تتعلق بالرفع من عدد المهنيين وتطوير البنيات التحتية الاستشفائية ورقمنة القطاع، وكذا تحسين الحكامة.

وفي إطار تفعيل المحور الرابع، عملت الحكومة على التسريع بتنزيل الآليات اللازمة لإنجاح هذا الورش الإصلاحي الهام، حيث تم في مرحلة أولى إطلاق العمل بالوكالة المغربية للدم ومشتقاته والوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، وحاليا جاء الدور على المجموعات الصحية الترابية، حيث تم إعطاء الانطلاقة الفعلية للمجموعات الصحية الترابية، بانعقاد أول مجلس إدارة للمجموعة الصحية الترابية لجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، برئاسة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، مما يمكن اعتباره إيذانًا ببداية فعلية لتحول استراتيجي سيغير وجه القطاع الصحي بجهات المملكة .

إن ما يميز هذا المشروع الطموح، ليس فقط طابعه المؤسساتي أو التنظيمي، بل هو ما يحمله من دلالات قوية على جدية الحكومة في تنزيل التوجيهات الملكية السامية، الرامية إلى إحداث إصلاح جذري وعميق للمنظومة الصحية الوطنية، ضمن الورش الملكي الكبير لتعميم الحماية الاجتماعية.

كما أن اختيار جهة طنجة-تطوان-الحسيمة كنموذج أولي لإطلاق المجموعات الصحية الترابية لم يكن اعتباطياً، بل يعكس إرادة حقيقية للانتقال من منطق “السياسات القطاعية المجزأة”، إلى منطق التكامل المؤسساتي الذي يعيد تنظيم العرض الصحي داخل جهة ترابية واحدة، تراعي خصوصيات الجهة وتوحد الجهود حول أهداف مشتركة وتتناغم مع أهداف الجهوية الموسعة.

إن هذه المجموعات الصحية الترابية، كما أكد رئيس الحكومة، خلال اجتماع المجلس الإداري الذي يمكن اعتباره محطة فارقة في إصلاح المنظومة الوطنية، محور أساسي في الرؤية الجديدة لإصلاح المنظومة الصحية، من خلال إعادة هيكلة مسار الرعاية الصحية، انطلاقاً من المراكز الأولية وصولاً إلى المستشفيات الجامعية، وهو ما من شأنه أن يُسهم في تسهيل مسار العلاج وتحقيق الإنصاف المجالي.

وما يُحسب للحكومة في هذا الورش هو التزامها بمنهجية واضحة تقوم على التدرج، والتقييم المستمر، والتقويم عند الحاجة، مع توفير الاعتمادات المالية والبشرية اللازمة، مما يدل على وعي جماعي بأن إصلاح القطاع الصحي لا يمكن أن ينجح دون حكامة قوية، وبنيات تحتية حديثة، وأطر صحية مؤهلة ومحفَّزة.

وإذا كانت جهة طنجة-تطوان-الحسيمة ستُشكل المحطة النموذج، فإن نجاحها في تنزيل أهداف المشروع سيكون بمثابة الضوء الأخضر لتعميم التجربة على باقي جهات المملكة، ما يُؤشر على دخول المغرب فعلياً إلى عهد جديد في تدبير الصحة العمومية، قوامه القرب والجودة والمساواة.

إن بداية تنزيل المجموعات الصحية الترابية، خطوة أولى على درب إعادة الثقة في المنظومة الصحية الوطنية، ورفع منسوب الأمل لدى المواطن في حقه المشروع في صحة كريمة وآمنة. فالإصلاح الحقيقي لا يُقاس بالخطابات، وإنما بوقع الإجراءات على حياة الناس. والمجموعة الصحية الترابية اليوم، هي منطلق لهذا التحول المنتظر.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى