الذكاء الاصطناعي “أكبر نجم” في الحرب بين إيران وإسرائيل

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

في عصر تتزايد فيه التأثيرات الرقمية على الحياة اليومية، أضحى الذكاء الاصطناعي أداة قوية يمكن استخدامها لإعادة تشكيل الحقائق وتوجيه الرأي العام، هذا ما شهدناه هذه الأيام في سياق الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل، حيث لعبت التكنولوجيا دورًا بارزًا في تضخيم وتوجيه المعلومات بصورة قد تكون مغلوطة، مما جعل من الصعب على المتابعين التمييز بين الحقيقة والخيال.

– شبيه بحرب الخليج الثانية

مقارنةً بالحرب الخليجية الثانية بين العراق والتحالف الدولي عام 1990-1991، التي شهدت تغطية إعلامية مغلوطة ومنقوصة، نجد أن الأطر الزمنية قد تغيرت، ولكن الأسلوب بقي مشابهًا، في تلك الفترة، كان الإعلام العربي، وخاصة عبر قناة الجزيرة، محط أنظار العالم، وكان وزير الإعلام العراقي آنذاك، محمد سعيد الصحاف، يقدم تقارير يومية تبث التفاؤل وتؤكد أن العراق يتصدى ببسالة للعدوان رغم السقوط الوشيك لبغداد.

اليوم، في الحرب بين إيران وإسرائيل، لم تعد المعلومات تقتصر على القنوات التقليدية أو البيانات الصحفية الرسمية، بل تم إدخال الذكاء الاصطناعي كعامل رئيسي في صوغ الواقع الرقمي، حيث يتم تعديل الفيديوهات وتوجيهها باستخدام تقنيات متقدمة لخلق صور وهمية من الصواريخ التي تسقط، والعمارات التي تنهار جراء القصف، فضلًا عن إنتاج محتوى إعلامي يظهر تدخلات دول أخرى في الحرب، كما جرى مع فيديوهات مصممة بشكل مبدع لدعم الروايات التي تشير إلى انضمام باكستان والهند إلى جانب إيران.

– الفيديوهات المعدلة بالذكاء الاصطناعي

أحد أبرز الأدوات التي يستخدمها الذكاء الاصطناعي في الحرب الإعلامية بين إيران وإسرائيل هي الفيديوهات المعدلة أو المُزورة، هذه الفيديوهات تظهر مشاهد من دمار هائل أو قصف عنيف، لدرجة أن المتابعين قد يعتقدون أنها مشاهد حقيقية من ساحة المعركة.

في بعض الأحيان، يتم تقديم صور مروعة للمباني الضخمة في إسرائيل وهي تنهار، أو لصواريخ إيرانية تتسبب في تدمير هائل،هذه الصور، رغم أنها قد تكون ملفقة، تساهم بشكل كبير في تأجيج الرأي العام وتحفيز العواطف في المناطق المتأثرة.

– الذكاء الاصطناعي في ضخ معلومات مغلوطة

في الوقت الذي يتسم فيه الذكاء الاصطناعي بالقدرة على تجميع وتحليل كميات ضخمة من البيانات في وقت قياسي، يبرز أيضًا في قدرته على تضليل الجمهور، حيث يتم استخدام تقنيات التعلم الآلي لتعديل الحقائق وتصنيع قصص مزيفة يمكن نشرها بشكل سريع وعبر منصات التواصل الاجتماعي.

والنتيجة هي تضخيم غير مسبوق للصورة النمطية للحرب، مما يزيد من حالة الفوضى والارتباك في المعلومات.

قد لا يكون الذكاء الاصطناعي هو الجاني الوحيد في تضخيم هذه الصور النمطية المغلوطة، ولكنه أصبح الأداة الأكثر فعالية في تشويه الحقائق وخلق انطباعات مضللة، سواء كانت عن قدرات الدفاع الإيرانية أو حجم الخسائر الإسرائيلية. ما كان يمكن أن يكون مجرد تقرير خبري يمكن تضخيمه وتقديمه كحقيقة ثابتة، فيكون للأمر تأثير أكبر في تحفيز الاستجابة الشعبية على المستوى الإقليمي والدولي.

– التحدي الأكبر في عصر الذكاء الاصطناعي

قد نكون أمام مرحلة جديدة من الحروب الإعلامية الرقمية، حيث يصبح من الصعب التمييز بين الحقيقة والتلفيق، وإذا كانت حرب الخليج الثانية قد شهدت فوضى إعلامية بسبب تلاعبات إعلامية متعمدة، فإن الوضع اليوم أصبح أكثر تعقيدًا مع دخول الذكاء الاصطناعي على الخط.

فيديوهات وصور معدلة، بل وحتى تصريحات مزورة، يتم تداولها بشكل واسع على منصات التواصل، مما يجعل من الصعب على المواطنين والمراقبين المحليين والدوليين الوصول إلى المعلومات الدقيقة.

الذكاء الاصطناعي قد يكون “أكبر نجم” في الحرب بين إيران وإسرائيل، ليس فقط في توفير وسائل الإعلام للمحتوى الزائف، بل أيضًا في التأثير على الرأي العام بشكل لم يكن ممكناً في الحروب السابقة.

ومع ازدياد الاعتماد على التكنولوجيا في الحروب الإعلامية، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن للمجتمع الدولي التعامل مع هذا التحدي الجديد؟ في عالم يعج بالذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة، قد يتطلب الأمر قوانين وتشريعات صارمة لمواجهة التضليل المعلوماتي والحد من استخدام الذكاء الاصطناعي في تزييف الحقائق.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى