
الرياح تنقذ “جنود فرانكو”: دراسة إسبانية تكشف تفاصيل جديدة عن “إنزال الحسيمة”
هبة بريس – شفيق عنوري
أقرّت دراسة إسبانية حديثة أن الرياح كانت عاملاً أساسيا في انتصار الجيش ومعه “الميليشيات المحلية” على المقاومة الريفية شمال المغرب، بعدما دفعت السفن بعيداً عن شاطئ مفخخ كان يفترض أن ينزل فيه المقاتلون.
جاء هذا الاعتراف في الدراسة التي أعدها روبرتو مونيوز بولانيوس أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة كاميليو خوسيه سيلّا، ونشرت على موقع “Desperta Ferro Ediciones”، والتي استعرض فيها بالتفصيل أحداث الإنزال الذي وقع في الثامن من شهر شتنبر سنة 1925، مركزاً على الخطط العسكرية والتنفيذ الميداني، ودور “الميليشيات المحلية” المشاركة في العملية.
وقال بولانيوس إن الظروف المناخية ساهمت في تجنيب الجنود الإسبان ومعهم “الميليشيات المحلية” الرسو في شاطئ صاباديا المُحصّن بالألغام والدفاعات، والذي كان نقطة الوصول المفترضة وفق الخطة الموضوعة، حيث دفعت الرياح السفن نحو شاطئ إكسداين (إزظي حاليا) الأقل تحصينا.
وأكدت الدراسة أن هذا الأمر كان “عاملا محوريا في نجاح” الإنزال الذي بدأ في الساعة الحادية عشرة صباحاً يوم 8 شتنبر 1925، مضيفةً أن المهاجمين، ورغم أن شاطئ إكسداين كان أقل تحصينا، واجهوا “صعوبات كبيرة عند توقف الزوارق على ضفاف رملية”، ما اضطر العقيد فرانكو لإصدار أوامر لعبور المياه حتى الرقبة باتجاه الشاطئ.
وأضاف بولانيوس أن طليعة المهاجمين كانت مكونة من مقاتلي الفيلق الإسباني، و”الميليشيات المحلية”، والدبابات القتالية، وكانوا “نخبة الجيش الإسباني في المغرب”، متابعاً أن وراء هؤلاء كانت تسير الأعمدة الأخرى التابعة للواء تحت قيادة الجنرال ليوبولدو سارّو مارين، وبقيادة العقيد مارتين غونزاليس والمقدم ميغيل كامبينس أورا.
وأبرز البحث أن “تم توظيف الدبابات والمعدات الثقيلة لدعم الهجوم على المواقع المحصنة، فيما تولت باقي الوحدات تأمين الشواطئ وتحصين المواقع المكتسبة”، مستعرضاً تقدم الفيلق الإسباني مدعوماً بمن أسماهم بـ”المحاربين المحليين”، وهم ريفيون اختاروا التكتل في ميليشيات للقتال في صفوف المحتل.
وذكر البحث نفسه، أن مقاتلي الجيش الإسباني والميليشيات المحلية، تمركزوا في المرتفعات المطلة على الشواطئ، بعد قتال عنيف أفضى إلى استيلائهم على ثلاث مدافع كانت بحوزة رجال محمد بن عبد الكريم الخطابي، وتحقيق السيطرة على النقاط الاستراتيجية.
كما أوضح الباحث الإسباني في الدراسة ذاتها، أن الجنود والميليشيات “واجهوا مقاومة عنيفة استخدمت فيها الرشاشات والمدافع التي استولى عليها رجال عبد الكريم من الإسبان والفرنسيين، وأدير بعضها من قبل منشقين ألمان، ما اضطر القوات الإسبانية لتعديل خططها مؤقتاً”.
وسلطت الدراسة الضوء على دور “المدفعية البحرية والطيران في تقليل الخسائر الإسبانية، التي بلغت سبعة ضباط و117 جندياً بين قتيل وجريح، مقارنةً بما كان متوقعاً”، مؤكدةً أن نجاح الإنزال لم يكن مجرد صدفة، بل نتاج تخطيط دقيق، واستغلال الظروف المناخية”، رغم إشارته سابقا لأن الرياح لعبت دوراً في إنقاذ الجنود من الشاطئ المفخخ.
واعتبر الباحث الإسباني أن نجاح الإنزال راجع أيضا لـ”تنسيق بين وحدات الفيلق الإسباني والمحاربين المحليين، مع الاستخدام الاستراتيجي للدبابات ومعدات الحرب على الشاطئ”، متابعاً أن الحدث لعب دوراً هاماً في “حسم جزء كبير من النزاع في المغرب، وتمهيد الطريق لإنهاء المقاومة الريفية في الأيام التالية”.
ورغم الخسائر الكبيرة التي تلقتها المقاومة الريفية عقب إنزال الحسيمة الذي شاركت فيه فرنسا بشكل مباشر ودعمته بريطانيا (وهي أمور لم يذكرها الباحث)، واصل المجاهدون القتال لعدة شهور أخرى، قبل أن يُضطر الخطابي ومن معه، إلى الاستسلام عقب شروع جيش الاحتلال بدعم ألماني، في استعمال الأسلحة الكيميائية.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X