
حين يجتمع الفن والبحر.. الناظور ترسم حواراً بين الثقافات عبر السينما
هبة بريس – محمد زريوح
عرف كورنيش الناظور خلال يومي 16 و17 غشت الجاري تنظيم مهرجان الشاطئ السينمائي، في إطار فعاليات المعرض المتنقل “بلجيكا بلادي.. تاريخ بلجيكي مغربي”، وهي تظاهرة جمعت بين سحر الطبيعة وجمالية الفن السابع، وأبرزت غنى المشهد الثقافي بالمدينة. المبادرة جاءت ثمرة تعاون بين نادي سينما الريف، ومركز الدراسات التعاونية للتنمية المحلية، وجمعية ثسغناس للثقافة والتنمية، ما يعكس روح الشراكة المدنية في خدمة الثقافة.
وقد تحولت ضفاف بحيرة مارتشيكا إلى فضاء سينمائي مفتوح تحت سماء الناظور، حيث اجتمع العشرات من عشاق الفن السابع، في أجواء فريدة أضفت عليها شاشة العرض العملاقة نكهة مميزة. المشهد كان بمثابة احتفال جماعي بالسينما، يُعيد إلى الأذهان الدور التاريخي لهذا الفن في تقريب المسافات وكسر الحواجز بين الشعوب.
قبل انطلاق العروض، تفاعل الجمهور مع فقرات تنشيطية أضفت لمسة مرحة، قدمتها الأستاذة صفية جباري والفنان الكوميدي عبد القادر تشوكلا. وقد ساهمت هذه اللحظات في خلق أجواء ودية، جعلت الجمهور يدخل في أجواء المهرجان بروح إيجابية وابتسامة عريضة.
البرنامج السينمائي تميّز بعرض مجموعة من الأفلام القصيرة المغربية والبلجيكية، التي شكلت فسيفساء فنية غنية ومرآة لمواضيع اجتماعية وثقافية متنوعة. فقد تابع الجمهور “تحيات السينما” للمخرج زكريا البقالي، و*“GASTARBEIDERS (الضيوف)”* لعصام بوقرين، و*“غطاء ورقي”* لرضوان هربال، إلى جانب “في المنزل أو وداعاً كارمن” لكريمة السعيدي ومحمد أمين العمراوي. هذه الأعمال لم تكتف بعرض قصص إنسانية مؤثرة، بل فتحت أيضاً باب النقاش المباشر بين المخرجين والجمهور، في حوار تفاعلي يعزز ثقافة النقد السينمائي.
وفي موازاة العروض، تم تنظيم ورشات تكوينية في كتابة السيناريو، أطرها السيناريست عبد القادر المنصوري، حيث أُتيحت الفرصة لشباب متعطش للمعرفة كي يتعرف على تقنيات الكتابة السينمائية وأساليب بناء النصوص. هذه المبادرة التكوينية اعتُبرت إضافة نوعية، لأنها تُسهم في تكوين جيل جديد من المبدعين المحليين، قادر على حمل مشعل الإبداع السينمائي في المستقبل.
وخلال الحفل، أعرب المخرج والسيناريست محمد بوزكو، رئيس نادي سينما الريف، عن اعتزازه بالنجاح الذي عرفته التظاهرة، مشيداً بالحضور الكثيف للجمهور وتجاوبه. وأكد أن مثل هذه المبادرات ليست مجرد عروض فنية، بل هي وسيلة لتعزيز إشعاع الناظور، ونافذة للتعريف بمواهبها وإبراز دورها كمدينة منفتحة على الثقافات العالمية.
كما شدد بوزكو على أن السينما تُعد جسراً حضارياً يربط بين الشعوب، مؤكداً أن المهرجان يترجم بشكل ملموس الروابط العميقة التي تجمع المغرب وبلجيكا، من خلال ذاكرة مشتركة وتجارب إنسانية تتجاوز الحدود الجغرافية.
الحضور كان وازناً، إذ شارك فنانون ومخرجون ومهتمون بالشأن الثقافي إلى جانب ساكنة وزوار الناظور، الذين تابعوا العروض بشغف. هذا التفاعل الإيجابي عكس تعطش المدينة لمثل هذه المبادرات التي تُعيد الاعتبار للثقافة والفن في الفضاءات العمومية، وتمنح المواطنين فرصة للاستمتاع بالسينما في أجواء جماعية.
لقد أثبت مهرجان الشاطئ السينمائي أن الثقافة يمكن أن تُمارس في قلب الطبيعة، وأن الفن السابع قادر على مدّ جسور التواصل بين الأجيال والشعوب. المبادرة حظيت بإشادة واسعة من قبل الحاضرين، الذين رأوا فيها مثالاً يُحتذى لتنشيط الحياة الثقافية، ورافعة لترسيخ صورة الناظور كمدينة قادرة على الجمع بين الأصالة والانفتاح، وبين الذاكرة المشتركة والإبداع المعاصر.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X