خاص.. حفيدة القايد “عيسى بن عمر” تصحح قصة “خربوشة “التي زرعها المستعمر

حاورها : محمد الهروالي

كشفت حفصة بن عيسى، حفيدة القائد المغربي الشهير عيسى بن عمر العبدي، في تصريح خصت به هبة پريس، أن القصة المتداولة حول الشيخة “خربوشة “خرافة لا أساس لها من الصحة”، ظهرت بعد عرض فيلم سينمائي مغلوط، مشيرة إلى أن هذا العمل ساهم في تشويه متعمّد لصورة جدها الذي وصفته بـ”رمز من رموز السيادة المغربية ورفض التبعية للاستعمار”.

وأكدت حفصة أن الشيخة خربوشة لم تكن معاصرة لفترة القائد، بل ظهرت بعد وفاته بعقود، وبالضبط خلال أربعينيات القرن الماضي، بينما تُوفي عيسى بن عمر في منفاه بمدينة سلا سنة 1924، بعد نفيه على يد سلطات الحماية الفرنسية بسبب رفضه التعامل مع المستعمر، وامتناعه عن مبايعته أو وضع يده في يده. وقالت: “خربوشة لم توجد إلا في الأساطير التي غذتها آلة الاستعمار، والفيلم السينمائي الذي أُنتج لاحقًا ساهم في تثبيت هذه الصورة الزائفة”.

– تشويه ممنهج ومسح لذاكرة المقاومة

وأضافت المتحدثة أن تشويه سمعة القائد عيسى بن عمر كان جزءاً من خطة ممنهجة لطمس هوية وطنية أصيلة، قائلة: “لقد تم الاستيلاء على كل ممتلكاته ووثائقه الشخصية، بما فيها كتبه ومخطوطاته التي كان يحتفظ بها في دهليز خاص داخل قصبته. كما تعرضت القصبة ذاتها للتخريب والإهمال المتعمد”.

وشددت حفصة على أن ما تعرض له جدها من “حملات تشويه في الذاكرة الشعبية” يدخل في إطار أوسع لـ”محاولة محو رموز المقاومة الوطنية، ومسح التاريخ الحقيقي للمخزن المغربي قبل الحماية”.

خاص.. حفيدة القايد "عيسى بن عمر" تصحح قصة "خربوشة "التي زرعها المستعمر

خاص.. حفيدة القايد "عيسى بن عمر" تصحح قصة "خربوشة "التي زرعها المستعمر

– من هو القائد عيسى بن عمر؟

عيسى بن عمر العبدي وُلد سنة 1842 بمنطقة عبدة، وتولى قيادة قبائل البحاثرة وعرب عبدة في سن مبكرة، خلفًا لشقيقه القائد الحاج أحمد. وقد عاصر أربعة من سلاطين المغرب: المولى الحسن الأول، المولى عبد العزيز، المولى عبد الحفيظ، والمولى يوسف، وكان أحد أبرز رجالات الدولة المخزنية، حيث عُين وزيرًا للخارجية في ما كان يُعرف حينها بـ”وزارة البحرية”.

تميز القائد عيسى بن عمر بتكوينه الديني العميق، وكان صوفيًا متمسكًا بالطريقة التيجانية، ومشهودًا له بالورع والصلابة في الرأي. وخلافًا لما تروّجه الروايات الشفوية المُلفّقة، فقد كان راعيًا للعلم والعلماء، وعرف عنه احترامه للمجالس الفقهية.

ورفض القائد التعامل مع سلطات الحماية الفرنسية عقب فرضها على المغرب سنة 1912، ما أدى إلى عزله ونفيه إلى مدينة سلا، حيث توفي سنة 1924، مُجرّدًا من ممتلكاته، مُحاطًا بحصار مادي ورمزي دام حتى بعد وفاته.

 

– الفيلم السينمائي وتأثيره على الوعي الجماعي

الفيلم الذي أثار الجدل هو خربوشة للمخرج حميد الزوغي (2008)، وقد ساهم في تثبيت رواية شعبية تُصور القائد كرمز للبطش والاستبداد، في مقابل بطلة شعبية متمردة. إلا أن النقاد يؤكدون أن الفيلم اعتمد على تخييل فني لا يستند لأي مرجع تاريخي موثق، بل لعب دوراً كبيراً في خلط الفن بالتاريخ وتوجيه الرأي العام بشكل مغلوط.

ورغم أهمية الفن كأداة للتعبير، إلا أن استخدامه لتشويه رموز وطنية دون استناد إلى مصادر موثوقة يُهدد بفقدان الذاكرة التاريخية لصالح الأساطير.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى