
خطاب العرش وتحقيق التنمية المستدامة في المغرب
هبة بريس – الرباط
في إطار الاحتفال بعيد العرش، قدم صاحب الجلالة الملك محمد السادس خطابا يعد بمثابة خريطة طريق لمرحلة جديدة من البناء والتنمية في المملكة المغربية، واستند خطاب جلالته إلى اعتماد رؤية استراتيجية تضع من ضمن أولوياتها تحقيق التقدم في مختلف المجالات، على رأسها الاقتصاد، وتطوير البنية التحتية، والعدالة الاجتماعية، مع التأكيد على أهمية التوازن بين مختلف الجهات والأقاليم.
– بناء مغرب متقدم وفتح آفاق جديدة للنمو
إن ما تحقق من إنجازات على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي في المغرب لم يكن وليد الصدفة، بل هو ثمرة استراتيجية شاملة استندت إلى مقومات راسخة في مقدمتها بناء اقتصاد منفتح قادر على مواجهة التحديات العالمية، فمنذ عام 2014، شهدت الصادرات الصناعية المغربية ارتفاعًا ملحوظًا، خصوصًا في قطاعي الطائرات والسيارات، ما يعكس نجاح سياسة تنويع الشركاء وفتح أسواق جديدة، كما أن المغرب أصبح اليوم يُنتج لما يعادل ثلاثة مليارات مستهلك حول العالم، مما يضعه في مصاف الدول ذات الاقتصاد المتنوع والقادر على التكيف مع التقلبات الدولية.
وفي هذا السياق، أشار الملك محمد السادس إلى مشروع خط القطار بين القنيطرة ومراكش، الذي يعكس التزام المملكة بتحقيق تكامل جهوي وتنموي من خلال مشاريع ضخمة تعمل على تحسين التنقل، وتحقيق السيادة الطاقية للبلاد، مما يقلل من اعتمادها على الخارج.
– التحديات والفرص: نحو العدالة المجالية
ورغم النجاحات المحققة، فإن الخطاب الملكي لم يغفل الإشارة إلى التحديات التي ما تزال تواجه بعض المناطق القروية التي تعاني من نقص في التجهيزات الأساسية، ما يعرقل استفادتها من عجلة التنمية، وهنا يأتي الدور الحيوي للعدالة المجالية، التي أكد جلالته على ضرورة تفعيلها لتقليص الفوارق بين مختلف الجهات، وتحقيق التنمية الشاملة. ولذلك، فقد دعا الملك إلى تأهيل شامل لهذه المناطق عبر مقاربة شمولية دامجة تأخذ في اعتبارها احتياجات كل منطقة على حدة.
– النهوض بالموارد البشرية: ركيزة المستقبل
الاهتمام بالإنسان كان في صلب الخطاب الملكي، حيث أكد جلالته على أهمية إعداد جيل جديد قادر على مواكبة التحولات الديمغرافية والاقتصادية. وتكمن أهمية ذلك في تعزيز تكافؤ الفرص، وتفعيل الجهوية المتقدمة بما يسمح بتمكين كل فرد من الحصول على حقوقه كاملة، سواء في مجالات التربية، أو الرعاية الصحية. وبذلك، يُسهم المغرب في بناء مجتمع قادر على تجاوز التحديات، ويضمن للمواطنين العيش الكريم.
– تفعيل الجهود من أجل التشغيل والمناخ الاستثماري
من بين أولويات الخطاب الملكي، كان التأكيد على دعم التشغيل، وخلق مناخ استثماري محفز، و يُعدُّ توفير فرص العمل من العوامل الأساسية لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، ولا شك أن خلق بيئة استثمارية جاذبة سيُسهم في توفير هذه الفرص، وبناءً عليه، دعا جلالته إلى تفعيل دور الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، في إطار شراكة حقيقية تدفع بعجلة التنمية.
– التدبير الاستباقي للماء: تحدي المستقبل
من القضايا الهامة التي تناولها الخطاب الملكي أيضًا، كان موضوع المياه، في ظل التحديات التي تواجه المملكة في هذا المجال، دعا جلالته إلى اعتماد تدبير استباقي للماء، مشددًا على ضرورة العمل الجماعي من أجل المحافظة على هذه الموارد الحيوية، لضمان استدامتها للأجيال القادمة.
– المواقف السياسية: حرص على تجاوز الأزمات
على الصعيد السياسي، لم يغب عن الخطاب الملكي التأكيد على مواقف المملكة الثابتة من القضايا العربية والإقليمية، فقد شدد جلالته على حرص المملكة المغربية الدائم على تعزيز الحوار والتعاون مع الجزائر والشعوب العربية الأخرى، إيمانًا بأن التحديات المشتركة تتطلب تضافر الجهود، كما عبَّر عن الشكر للمملكة المتحدة والبرتغال على مواقفهما الثابتة والمتضامنة مع المغرب.
– حل النزاع بلا غالب أو مغلوب
وفي إطار حل النزاعات، أكد جلالة الملك على حرصه المستمر على إيجاد حلول سلمية ودبلوماسية للقضايا العالقة، بعيدًا عن منطق الغلبة، ووفقًا لمبادئ الحق والشرعية. وهو ما يعكس حرص المغرب على بناء علاقات مستقرة ومتوازنة، ترتكز على التعاون والتفاهم المتبادل.
– الملك يرسم مسار مستدام نحو المستقبل
شكل خطاب العرش دعوة مفتوحة لجميع الأطياف المغربية للعمل بروح من التضامن الوطني لتحقيق طموحات الأمة، إن تحقيق مغرب متقدم لا يمكن أن يكون ممكنًا دون تكاتف الجميع، بدءًا من الحكومة، إلى الفاعلين الاقتصاديين، وصولًا إلى المواطن المغربي، يتعين على الجميع أن يتخذوا من هذا الخطاب مرشدًا لمرحلة جديدة تسعى إلى تعزيز التنمية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وبناء مستقبل مستدام لجميع المواطنين.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X