
رئيس جماعة الناظور يفتتح أول مشروع له.. موقف خاص لسيارته(صورة)
هبة بريس -محمد زريوح
في واقعة غير مألوفة أثارت ضجة واسعة في الناظور، قرر رئيس جماعة المدينة تخصيص مكان في الشارع العام لركن سيارته الخاصة، واضعاً لوحة تشير إلى أن الموقف مخصص حصرياً له. هذه الخطوة الغريبة تحولت سريعاً إلى مادة للتندر بين المواطنين، الذين اعتبروها إشارة واضحة إلى عقلية “المسؤول الاستثنائي”.
المفاجأة الأولى لم تكن في الفكرة ذاتها، بل في الصياغة التي حملتها اللوحة، حيث كتب عليها: “خاص بسيارة رئيس مدينة الناظور”. عبارة بدت لساكنة المدينة وكأنها نكتة لغوية قبل أن تكون قراراً إدارياً، لتنهال التعليقات الساخرة حول “المستوى اللغوي” للرئيس وفريقه.
ومع توالي الانتقادات، كان المنتظر أن يتراجع الرئيس عن هذه المبادرة ويزيل اللوحة، لكنه اختار طريقاً آخر. فبدلاً من معالجة أصل الإشكال، اكتفى بتصحيح الخطأ الإملائي، ليعود بعد أيام بلوحة جديدة تحمل عبارة: “خاص بسيارة رئيس جماعة الناظور”. وكأن الأزمة الحقيقية كانت في الكلمة لا في مضمون المبادرة.
هذه الواقعة أثارت تساؤلات عديدة حول أولويات المسؤولين المحليين، حيث انشغل الرئيس بتأمين موقف شخصي لسيارته بينما يعاني سكان الناظور يومياً من أزمة خانقة في إيجاد مواقف لسياراتهم، خاصة في فصل الصيف الذي يشهد تزايداً كبيراً في أعداد الوافدين والمهاجرين.
النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي لم يفوتوا الفرصة، فتناقلت الصفحات صور اللوحة المعلقة مع تعليقات لاذعة، بعضها يصف الأمر بأنه “إنجاز تاريخي”، فيما اعتبر آخرون أن الرئيس “بدأ بالتنمية من سيارته الخاصة”.
الأكثر إثارة للجدل أن الرئيس تجاهل الحلول التي يطالب بها السكان منذ سنوات، مثل إنشاء مرائب جماعية أو تنظيم الفضاء العمومي للحد من الفوضى، واعتبر أن الأسبقية هي لمشكلته الشخصية مع ركن السيارة. وكأن منصب المسؤولية مجرد امتياز يمنح صاحبه حقوقاً خاصة، بعيداً عن خدمة المواطنين.
عدد من المتتبعين للشأن المحلي أشاروا إلى أن الحادثة تكشف ذهنية ترى في المنصب السياسي فرصة لفرض الاستثناءات بدل البحث عن حلول جماعية. فلو أن كل منتخب خصص موقفاً لنفسه في الشارع، لتحولت المدينة إلى فضاء من اللوحات المعلقة، وكل لوحة تحمل اسم مسؤول “من درجة خاصة”.
في المقابل، يرى البعض أن الواقعة ليست سوى مرآة تعكس واقعاً أوسع من الناظور وحدها، حيث يُستعمل النفوذ في أبسط تفاصيل الحياة اليومية، ويُعتبر الشارع العام ملكاً مشاعاً إلا حين يتعلق الأمر بمسؤول، فيتحول فجأة إلى ملكية خاصة محروسة بلا حراسة.
وفي النهاية، قد يُسجل هذا الموقف فعلاً كـ”إنجاز تاريخي”، لكنه لن يُكتب في دفاتر التنمية، بل في أرشيف الطرائف السياسية التي تُضحك وتبكي في آن واحد. فبينما ينتظر المواطنون مشاريع تنموية ترفع عنهم أعباء الحياة، يفاجَأون بمشاريع من نوع آخر: لوحات معدنية تحمي سيارة الرئيس وتترك المدينة لمصيرها.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X