قتل الأبرياء على الحدود.. لماذا تستمر الجزائر في استهداف المغاربة؟

هبة بريس-محمد زريوح

لا يمكن وصف الحادث المأساوي الذي أودى بحياة الشاب أسامة همهام، لاعب فريق الأمل الرياضي العروي، سوى بأنه حلقة جديدة في سلسلة من الأحداث المأساوية التي يواجهها الشباب المغاربة الساعين وراء حلم بسيط: حياة أفضل. أسامة، الذي كان يسعى مثل العديد من الشباب المغاربة للهجرة نحو أوروبا على أمل مستقبلي أفضل، وجد نفسه ضحية لنظام قاسي لا يرحم. فبينما كان يبحر على قارب نحو السواحل الأوروبية، اعترضه الحرس الجزائري الذي أطلق النار على القارب، مما أدى إلى مقتل أسامة وترك أسرته وأصدقائه في حالة من الصدمة والألم العميق.

هذه الفاجعة تثير العديد من الأسئلة التي تطرح أمامنا علامات استفهام حول القسوة التي يتعامل بها الحرس الجزائري مع المهاجرين المغاربة. لماذا يتم استخدام السلاح ضد شباب يبحثون فقط عن فرصة لحياة أفضل؟ لماذا لا يتم احترام مشاعر العائلات التي فقدت أحباءها في هذه الحوادث؟ وبدلاً من أن تساهم دول الجوار في تقديم حلول إنسانية لهذه الأزمة، نجد أن الجزائر تتبع سياسة عدائية تجاه المغاربة، تتجسد في تصرفات لا إنسانية في البحر والحدود.

في هذا السياق، تطرح الحادثة تساؤلًا أوسع حول تعامل الجزائر مع جثث المغاربة الذين يفقدون حياتهم أثناء محاولاتهم الهجرة. فمن الغريب أن نجد أن جثث المهاجرين المغاربة الذين يغرقون في البحر، قبالة السواحل الجزائرية أو في المياه المغربية، لا يتم تسليمها بشكل سريع وكرام، بل يتم وضعها في ثلاجات الموتى كما لو كانت لا تعني شيئًا. فلماذا يتم تجاهل مشاعر عائلات هؤلاء الضحايا الذين يصرون على استعادة جثث أحبائهم في أقرب وقت ممكن؟ وتُضاف إلى ذلك تساؤلات أخرى حول السبب وراء هذا التأخير غير المبرر في تسليم الجثث، رغم التدخلات العديدة للجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين في وضعية صعبة التي تتوجه باستمرار للمطالبة بحقوق هؤلاء الضحايا.

يبدو أن الجزائر قد اختارت نهجًا قاسيًا تجاه المهاجرين المغاربة، حيث لا تقتصر هذه السياسات على الحدود البرية أو البحرية، بل تتعداها إلى المياه الدولية. على الرغم من أن البحر هو في الواقع منطقة مفتوحة تحت مراقبة جميع الدول، فإن الحرس الجزائري يتدخل بشكل غير قانوني في هذه المياه ويقوم باعتراض قوارب المهاجرين المغاربة. هل من المقبول أن تتصرف الجزائر بهذا الشكل العدواني في المياه الدولية؟ وهل يعقل أن تقيم السلطات الجزائرية سياسة الملاحقة والقتل لأشخاص لا يشكلون تهديدًا أمنيًا، بل هم مجرد شباب يحاولون العثور على مستقبل أفضل؟

لنأخذ في اعتبارنا أن العديد من دول العالم، بما في ذلك المغرب وإسبانيا، تتعامل مع ملف الهجرة بشكل أكثر إنسانية واحترامًا لحقوق الإنسان. المغرب، رغم التحديات التي يواجهها في مواجهة الهجرة غير النظامية، يقدم طريقة توقيف القوارب بشكل قانوني وانساني ، بينما تُظهر الجزائر تجاهلًا لهذه الحقوق. لماذا إذن يتم اعتماد سياسة القسوة والعنف ضد المغاربة الذين يسعون فقط لتحقيق حلمهم في حياة أفضل؟ هل هو انعكاس لعلاقة مشحونة بين البلدين، أم أن هناك دوافع سياسية وراء هذه التصرفات التي لا تشي بالاحترام المتبادل؟

في كثير من الأحيان، تثير هذه التصرفات القسوة، مثل تلك التي شاهدناها في مواقف متعددة من الاعتداء على المهاجرين المغاربة، شكوكًا حول العوامل السياسية التي تقف وراء هذا التصعيد. هل يتعلق الأمر بتصريحات وقرارات سياسية تُستخدم لإثبات قوة معينة على حساب قسوة أخرى؟ هل تسعى الجزائر من خلال هذه التصرفات إلى فرض هيمنتها على المنطقة بطريقة لا تترك المجال لأي تفاهم أو تعاون؟ وفي سياق هذا التوتر، يجب أن نتساءل أيضًا عن دور المجتمع الدولي في الضغط على الدول المعنية لتغيير سياستها.

إن الحادث المؤلم الذي راح ضحيته أسامة يجب أن يكون بمثابة نقطة تحول حاسمة. إنها فرصة لنا جميعًا للتوقف والتفكير في التعامل مع قضايا الهجرة من منظور إنساني بعيدًا عن العنف والعداء. يجب أن يتوقف العالم عن مشاهدة هذه الحوادث المأساوية وأن يضع سياسة تدعو إلى التفاهم والمساعدة المتبادلة، لا إلى العنف والإقصاء. فالمهاجرون، مثل أسامة، ليسوا مجرد أرقام أو حالات نادرة؛ إنهم شباب طموح يبحث عن أمل في حياة أفضل.

في النهاية، تبقى المسؤولية في يد الجميع من أجل تغيير هذه السياسات. نحتاج إلى سياسات هجرة تشدد على حقوق الإنسان وتكفل الفرص للمستقبل، لا تلك التي تؤدي إلى التدمير والانقسام. إن الكرامة الإنسانية يجب أن تكون أولويتنا في هذا العصر الذي يتطلب منا أن نكون أكثر تفهمًا وتعاونًا.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى