
لماذا تفوّقت إسبانيا سياحيًا على المغرب؟ قراءة هادئة في واقع مؤلم
عمر الرزيني – مكتب برشلونة
تشير الإحصائيات أنا إسبانيا استقبلت هذا العام قرابة 100 مليون سائح، رقم يعكس مكانة البلاد كواحدة من أكبر القوى السياحية عالميًا. وفي الجهة الأخرى من المتوسط، لا يزال المغرب، بكل ما يزخر به من جمال طبيعي وتاريخ عريق، يحاول كسر حاجز 9 ملايين سائح.
الفارق الصادم بين البلدين يطرح سؤالًا جوهريًا: لماذا لا يحقق المغرب ما يليق بمؤهلاته السياحية؟ وأين يكمن الخلل؟
النجاح الإسباني لم يأتِ من فراغ. بل هو نتيجة سنوات من التخطيط والاستثمار الذكي في قطاع أصبح يشكل ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني. السياح في إسبانيا لا يشعرون فقط بالترحيب، بل يجدون كل مقومات الراحة والوضوح مثل الأسعار محددة وواضحة و البنية التحتية حديثة ومتطورة كل هذه العناصر البسيطة في ظاهرها، تُحدث فرقًا جوهريًا في تجربة الزائر.
المغرب رغم امتلاكه كل ما يُغري السائح من تنوع طبيعي وثقافي، لا يزال يواجه تحديات هيكلية تؤثر سلبًا على صورته لدى الزائر الأجنبي. من بين أبرز المشاكل النصب والاحتيال في التعامل مع السياح، سواء عبر الأسعار العشوائية أو التلاعب في الخدمات و غياب الشفافية في التسعير، حيث يُطلب من كل سائح سعر مختلف حسب شكله أو جنسيته مع سوء المعاملة أحيانًا من بعض العاملين في القطاع، بسبب غياب التكوين والوعي بأهمية حسن الاستقبال ناهيك عن تهالك البنية التحتية في عدد من الوجهات، خاصة خارج المدن الكبرى.
الدرس الأهم الذي يمكن أن نستخلصه من تجربة إسبانيا هو أن السياحة ليست فقط ما يُرى، بل ما يُحسّ. السائح لا يزور فقط الأماكن، بل يعيش التجربة بأكملها. وإن شعر بعدم الأمان أو الاحتيال أو عدم التقدير، فلن يعود مجددًا، بل قد يُحذّر غيره من الزيارة.
المغرب لا تنقصه الإمكانيات، بل يحتاج إلى إرادة جماعية لإصلاح المنظومة السياحية من الداخل. نحتاج إلى قوانين تحمي السائح، إلى تكوين مهني حقيقي للعاملين في المجال، إلى رقابة صارمة على الأسعار والخدمات، وقبل كل شيء… إلى وعي وطني بأن السائح ضيف يجب احترامه، لا استغلاله.
إذا أردنا أن ننافس حقًا على خارطة السياحة العالمية، فعلينا أولًا أن نعيد النظر في أنفسنا. لا يكفي أن نملك الجمال… يجب أن نحسن استقباله.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X