أكادير.. مطالب بالتحقيق في “الاستحواذ الغامض” على مشاريع السكن الاجتماعي

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

عادت قضية السكن الاجتماعي بمدينة أكادير لتطفو مجددًا على سطح النقاش العمومي، بعد أن توصل السلطات العاملية بعشرات الشكايات الرسمية من طرف “تنسيقية ضحايا السكن الاجتماعي”، تطالب فيها بفتح تحقيق عاجل وشامل بخصوص ما وصفته بـ”تجاوزات غامضة” تحيط بتدبير مشاريع السكن الاجتماعي منخفض التكلفة، خصوصًا في أحياء ” أدرار، تدارت العليا، الحي المحمدي، حي الهدى، وحي الفرح”.

– استياء عارم وسط المستفيدين المفترضين

وتُعبّر هذه الشكايات عن استياء عارم وسط مئات الأسر التي كانت تنتظر الاستفادة من هذه المشاريع السكنية المدعومة، التي أُنشئت في إطار شراكات رسمية ضمت مؤسسات عمومية بارزة، من بينها: شركة العمران، قسم التعمير بولاية أكادير، المفتشية الجهوية للإسكان، الوكالة الحضرية، والجماعة الترابية، وذلك تحت إشراف مباشر من السلطات الولائية.

وقد تم تصميم هذا البرنامج الاجتماعي خصيصًا لتمكين الفئات ذات الدخل المحدود من اقتناء شقق سكنية بثمن لا يتجاوز 140.000 درهم، على أراضي عمومية فُوتت مجانًا، مع إعفاءات ضريبية مهمة لفائدة الشركات المنجزة، مقابل التزامها بالشروط الاجتماعية المحددة في الاتفاقيات.

– اتهامات بـ”استحواذ غامض” على مشاريع كبرى

لكن، وبحسب ما ورد في مضمون الشكاية، فإن مشاريع كبرى من قبيل المشروع السكني بحي أدرار، الذي يضم ما يقارب 580 وحدة سكنية، تعرضت لما وُصف بـ”استحواذ غير واضح المعالم” من طرف جهات عقارية نافذة، وذلك من خلال مساطر قضائية استعجالية استُعملت، وفق التنسيقية، بطرق تثير تساؤلات قانونية حول سرعة تنفيذها وغموض خلفياتها.

ولا يقتصر الأمر على حي أدرار، بل يمتد، بحسب نفس المصدر، إلى مشروع سكني آخر بمنطقة “تدارت العليا”، حيث يُخشى من أن تكون أزيد من 500 وحدة سكنية مهددة بالتفويت لمستفيدين جدد، رغم توفر العشرات من المواطنين على محاضر موثقة تُثبت أحقيتهم في الاستفادة.

– غموض في المعايير وتساؤلات حول المساطر القضائية

وطرحت الشكاية مجموعة من الأسئلة الجوهرية حول المعايير المعتمدة في تدبير عمليات التفويت، ومدى احترامها للتسلسل القانوني واللوائح الرسمية التي تم الاتفاق عليها بحضور موثقين ومفوضين محلفين.

كما أبرزت التنسيقية مفارقة لافتة، تتمثل في بطء معالجة بعض الدعاوى القضائية التي رفعتها مؤسسة العمران أو بعض المستفيدين، مقابل السرعة غير المعتادة التي نُفذت بها أحكام قضائية أخرى أتاحت لبعض الجهات وضع اليد على الشقق.

ومن هذا المنطلق، عبّرت التنسيقية عن تخوفها من غياب آليات الحكامة والمراقبة، مطالبةً بدور فاعل لكل من مؤسسة العمران وقسم التعمير بولاية أكادير، من أجل ضمان العدالة الاجتماعية وحماية أهداف المشاريع المدعومة من المال العام.

– مطالب التنسيقية…وقف التفويت المشبوه ومحاسبة المسؤولين

في هذا السياق، رفعت التنسيقية جملة من المطالب الملحّة، التي ترى أنها ضرورية لاستعادة الثقة وضمان حقوق المستفيدين. ومن بين أبرز هذه المطالب:
أولًا، فتح تحقيق نزيه ومستقل في ملابسات تفويت الشقق السكنية التي تحوم حولها شبهات.
ثانيًا، توقيف أي عملية تفويت مشبوهة للوحدات السكنية، إلى حين التأكد من قانونيتها وسلامة إجراءاتها.
ثالثًا، تحديد المسؤوليات الإدارية والقانونية بدقة، خاصة في ما يتعلق بتدبير المشروع والسهر على احترام شروطه الاجتماعية.
رابعًا، ضمان الالتزام الصارم بلوائح المستفيدين الرسمية، التي تم إعدادها والمصادقة عليها من طرف جهات مختصة بحضور موثقين.

وأخيرًا، فتح قنوات تواصل مباشر بين السلطات المعنية والتنسيقية، بهدف تمكين هذه الأخيرة من تقديم الوثائق والمعطيات التي تؤكد، بحسبها، وجود اختلالات في تدبير هذا الملف.

وتؤكد التنسيقية أن تحقيق هذه المطالب لا يهدف فقط إلى إنصاف المتضررين، بل يسعى كذلك إلى ترسيخ مبدأ الشفافية، وتعزيز الثقة في مؤسسات الدولة، خصوصًا فيما يتعلق بالمشاريع ذات البعد الاجتماعي.

ومن اللافت أن الشكاية لم تُوجّه فقط إلى السلطات المحلية، بل شملت أيضًا الديوان الملكي، وزارة الداخلية، وزارة إعداد التراب الوطني والإسكان، والنيابة العامة، مطالبةً بـ”محاسبة المسؤولين قبل مغادرتهم مناصبهم”، في إشارة إلى خشية من طي الملف قبل الوصول إلى حقيقة ما جرى.

– ملف مفتوح على كل الاحتمالات

وفي ظل تصاعد عدد الشكايات وتنامي التساؤلات حول مصير هذه المشاريع الاجتماعية، يجد الرأي العام المحلي نفسه أمام مجموعة من علامات الاستفهام الحرجة، من قبيل ، كيف تُدار فعليًا ملفات السكن الاجتماعي بمدين…



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى