محاكمة بوعلام صنصال تفضح دكتاتورية النظام الجزائري وتُشعل غضبًا دوليًا

هبة بريس –  يوسف أقضاض

في خطوة أثارت موجة استنكار واسعة على الصعيدين المحلي والدولي، أيد مجلس قضاء الجزائر، قبل أيام الحكم الابتدائي الصادر ضد الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، والقاضي بسجنه خمس سنوات حبسًا نافذًا وغرامة مالية قدرها 500 ألف دينار جزائري، في محاكمة تُوصف بأنها سياسية بامتياز وتكشف الوجه الحقيقي لنظام يُمعن في قمع حرية التعبير وتكميم الأفواه.

هذا الحكم، الصادر عن الغرفة الجزائية العاشرة لدى مجلس قضاء الجزائر، يعيد إلى الواجهة واقع الحريات المتدهور في البلاد، حيث أصبح مجرد رأي أو منشور كافيًا لتلفيق تُهم خطيرة من قبيل “المساس بوحدة الوطن” و”إهانة هيئة نظامية” و”الإضرار بالاقتصاد الوطني” – تُهم تبدو مفصّلة على مقاس كل من يخرج عن الخط الرسمي ويجرؤ على التفكير خارج قوالب النظام.

المحكمة لم تكتفِ بالسجن والغرامة، بل قررت مصادرة جميع المحجوزات التي كانت بحوزة الكاتب، في خطوة وصفها محاموه بأنها “قاسية ومبالغ فيها”، فيما تمسّك ممثل النيابة العامة بخطاب التخويف والشيطنة، مؤكدًا على “خطورة الأفعال” رغم افتقار الملف لأي دليل حقيقي على تهديد فعلي للأمن أو الاقتصاد.

الأخطر من ذلك، هو قبول تأسيس الخزينة العمومية كطرف مدني في القضية، في سابقة تُثير التساؤل حول مدى تسييس الجهاز القضائي وتحويله إلى أداة بيد النظام العسكري لتصفية الحسابات مع المثقفين والمعارضين وأصحاب الرأي الحر.

بوعلام صنصال، الكاتب المعروف بكتاباته الجريئة ومواقفه الناقدة، بات اليوم رمزًا جديدًا من رموز القمع في الجزائر، التي تغرق في عزلة دولية متزايدة بسبب سجلها الحقوقي المظلم.

وقد أعربت منظمات حقوقية دولية، من ضمنها هيومن رايتس ووتش ومراسلون بلا حدود، عن قلقها العميق من تدهور حرية التعبير في الجزائر، ووصفت المحاكمة بأنها “إهانة للعدالة” و”محاولة لإسكات الأصوات الحرة عبر القضاء”.

المحاكمة تأتي في سياق عام يتّسم بتصعيد القمع ضد الصحافيين والنشطاء والمثقفين، حيث يتم استخدام تهم فضفاضة كـ”المساس بالوحدة الوطنية” لتكميم كل من يرفض الانصياع لسياسات العسكر أو يُعبّر عن رأي مختلف.

هذه القضية ليست سوى صفحة جديدة في سجل أسود يراكمه النظام الجزائري، ويؤكد أنه ماضٍ في سياسة التخويف والإقصاء، غير آبه بسمعته الدولية ولا بمطالب شعبه في الانفتاح والحرية والديمقراطية.

ما حدث مع بوعلام صنصال هو ليس مجرد حكم قضائي، بل رسالة واضحة من نظام يعادي الكلمة الحرة، ويعتبر الفكر المستقل تهديدًا يجب معاقبته.

ومع تزايد الأصوات الدولية المنددة، يزداد الضغط على النظام الجزائري الذي يبدو أنه اختار طريق القطيعة مع العالم… ومع شعبه أيضًا.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى