حادث إنقاذ السلطات المغربية لجزائريين بالسعيدية يفضح سياسة كابرانات الجزائر ضد المهاجرين

هبة بريس

لم يكن تدخل القوات المساعدة المغربية مساء يوم أمس الاثنين لإنقاذ أربعة شبان جزائريين حاولوا دخول التراب المغربي سباحة عبر شاطئ السعيدية حدثاً عابراً، بل أعاد إلقاء الضوء على التناقض الصارخ بين الأساليب التي تتبعها السلطات المغربية مقاربنة بنظيرتها الجزائرية في التعامل مع حوادث مماثلة على طول الحدود المشتركة.

مقتل أسامة همهام على يد البحرية الجزائرية

فبينما تحركت القوات المغربية بسرعة، مستخدمة أجهزة الرصد الحراري لإنقاذ حياة الشبان قبل أي إجراءات أمنية، يظل حادث مقتل اللاعب المغربي السابق أسامة همهام على يد البحرية الجزائرية قبل أسابيع شاهداً على نهج مختلف تماماً يقوم على استخدام القوة القاتلة والعقاب الميداني بدل حماية الحياة والاحتكام للقانون الدولي.

هذا التباين لا يكشف اختلافاً في المقاربات الأمنية فحسب، بل يفضح أيضاً تبايناً جذرياً في الفلسفة السياسية والإنسانية لكل طرف. المغرب اختار حماية الأرواح أولاً، حتى في حال خرق الحدود، بينما لجأت الجزائر إلى خيار الإعدام الميداني دون محاكمة أو تحذير.

القضية تتجاوز الطابع الحدودي المحلي لتطرح سؤالاً مركزياً: ما مكانة الحق في الحياة، باعتباره حقاً غير قابل للتصرف وفق المواثيق الدولية، ضمن سياسات الأمن الوطني للدول المجاورة؟ وهل يمكن تبرير إطلاق النار على مدنيين عزل تحت ذريعة حماية السيادة أو الحدود؟

انتهاك النظام الجزائري للقانون الدولي

القانون الدولي، سواء عبر اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982 أو العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، يفرض على الدول التزاماً مزدوجاً: حماية سيادتها وضمان سلامة المدنيين. غير أن تكرار حوادث الإعدام خارج القانون من قبل النظام الجزائري يضعه في مواجهة انتقادات حادة ويكشف انتهاكاً جسيمًا للقانون الدولي، يجرد الدولة من أي غطاء قانوني أو أخلاقي.

على نحو أوسع، توضح هذه الحوادث أن الحدود المغربية الجزائرية لم تعد مجرد خط فاصل بين بلدين، بل أصبحت مسرحاً رمزياً يعكس رؤيتين متناقضتين للأمن الإنساني: رؤية تعتبر الإنسان محور التدخل الأمني، وأخرى ترى في الإنسان تهديداً يجب القضاء عليه عند أول خرق للحدود.

هكذا، يصبح السؤال الموجه للمجتمع الدولي والهيئات الحقوقية أكثر إلحاحاً: إلى متى سيستمر التساهل مع ممارسات تمس جوهر القانون الدولي الإنساني، وتتحول السواحل المغاربية والبحر المتوسط إلى فضاء للإعدامات الميدانية بدل أن تكون فضاءً للحياة والعبور الآمن؟

 



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى