
أزمة العطش في الجزائر.. استهتار رسمي من النظام العسكري ومعاناة يومية للمواطنين
هبة بريس – شفيق عنوري
رغم الدعوات المتكررة من فعاليات المجتمع المدني، ما تزال السلطات الجزائرية عاجزة عن بلورة استراتيجية واضحة وفعّالة للحد من هدر المياه، في وقت تزداد فيه هذه المادة الحيوية ندرة سنة بعد أخرى، لتتحول أزمة الجفاف إلى كابوس يلاحق أغلب الولايات.
وكشف موقع “apanews” بعض تفاصيل هذه المعاناة، حيث أفاد أن السياسات الحكومية ظلت محصورة في حملات ظرفية لتذكير المواطنين بضرورة ترشيد الاستهلاك، لكنها تبقى رمزية ومحدودة الأثر، إذ لا تقوم على منظومة مستدامة ولا على عقوبات رادعة قابلة للتنفيذ.
وقال إنه في غياب المتابعة المؤسساتية، تتواصل السلوكات المهدرة للمياه من صنابير مفتوحة وسقي عشوائي وتسربات مهملة دون إصلاح، ما يعكس سطحية المقاربة الرسمية”، مضيفاً أنه حتى القوانين القائمة تبدو متساهلة، إذ إن المخالفات المرتكبة في المتاجر أو المطاعم أو محطات غسل السيارات لا تخضع لضوابط صارمة، والغرامات القليلة المنصوص عليها نادراً ما تُطبق، ما يفقدها أي تأثير ردعي، وفق المصدر نفسه.
وتابع الموقع المذكور أن هذا الواقع، يكشف عن مفارقة صارخة، حيث تتحمل جمعيات محلية المسؤولية بدل الدولة، من خلال مبادرات مثل تركيب صنابير ذكية في المدارس أو تنظيم حملات توعية، لكنها تبقى جهوداً محدودة وغير قادرة على مواجهة نزيف الهدر الذي يزيده الجفاف وتغير المناخ تفاقماً.
واسترسل أن الأخطر أن المصانع ما تزال تصرف مياهها العادمة في الأودية دون معالجة أو إعادة تدوير، في ظل غياب أي التزام رسمي بإلزامها بمعايير مكافحة التلوث”، مسترسلاً أن هذا الفراغ الرقابي يفضح ضعف الحوكمة البيئية وعجز السلطات عن فرض قواعد واضحة على كبار المستهلكين الصناعيين، في وقت كان يمكن فيه استغلال المياه المعالجة كرافعة استراتيجية للزراعة والصناعة.
كما أن البلديات، وفق المصدر سالف الذكر ذاته، رغم محاولاتها لاتخاذ إجراءات للتقليل من الهدر، تفتقر للإمكانيات التقنية والمالية والتنظيمية، بينما تحتفظ الحكومة المركزية بصلاحياتها دون أن تُحوّلها إلى سياسات منسقة أو آليات تحفيزية. والنتيجة إدارة مجزأة وغير فعّالة لموارد المياه.
وأورد أن المشهد يُبرز فجوة متزايدة بين حيوية المجتمع المدني وجمود المؤسسات الرسمية. فبينما يناضل المواطنون يومياً من أجل قطرة ماء، تظل السياسات الحكومية متخبطة وعاجزة عن تقديم حلول حقيقية، مسترسلاً أن الجزائر، لا تعاني من غياب المبادرات، بقدر ما تعاني من انعدام الرؤية والحوكمة، في ظل غياب تنظيم صارم، وضعف العقوبات.
وخلص الموقع، إلى أن النتيجة المباشرة لهذه السياسات، وللتساهل مع كبار المستهلكين الصناعيين، وفشل التنسيق بين القطاعين العام والخاص، هي “استمرار معاناة الجزائريين، الذين يواجهون جفافاً خانقاً وسياسات مرتجلة لا تستجيب لواحدة من أكثر الأزمات إلحاحاً في حياتهم اليومية”.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X